ما أصعب أن يُبتلَى الزوج بزوجة لحوحة زنانة، لا تكترث بإختيار الوقت أو الظرف المناسب لتطلب منه أي طلب، أو لتتحدث معه في أمر ما!.. فلا يعنيها إذا كان الزوج مضغوطا أو مرهقا نتيجة طول ساعات العمل أو لديه بعض المشكلات العائلية مثلًا، بل كل ما يعنيها هو تلبية رغباتها ومطالبها في أسرع وقت ممكن ودون إبداء أي إعتراض أو ضيق من جانبه.
تلك المطالب التي غالبًا ما يكون معظمها غير مهم ويمكن تأجيلها أو التغاضي عنها لصعوبة تنفيذها في الوقت الحالي لأي سبب كان!.. فمثلًا إذا أرادت زيارة أختها أو خالتها التي تعاني من نزلة برد، ألحت عليه ليل نهار وهولت وضخمت من الأمر لدرجة تعطيه إيحاءً بأنها على فراش الموت!..
هذه الزوجة اللحوحة التي تلاحق زوجها طول الوقت سواء لتثبت له حبها أو لتطالبه بإظهار حبه لها، وتحيطه من كل جانب لدرجة تكاد تكبله وتخنقه، تجعله يشعر معها بالزهق والملل والبلادة والإزعاج، لأن الرجل بطبيعته يرغب في أن تستقل المرأة عنه وتشق لنفسها طريقًا تسير فيه بعيدًا عنه في بعض أوقات اليوم، وتعطيه فرصة لكي يكون حرًا طليقًا يفعل ما يريد كيفما ووقتما شاء.. حيث يميل ويطوق دومًا إلى الحرية التي من الممكن أن يحطم من أجلها حياته الزوجية -إذا ما سُلِبت منه وأحس أنه أسير ومُقَيّد..
الجدير بالذكر أن أحدًا لا يولد لحوحًا وزنانًا ومزعجًا بفطرته، وإنما يكتسب هذه الصفات من خلال معايشته للمحيطين به في أسرته وبيئته الأولى التي ينشأ ويترعرع فيها!.. فإذا كانت الأم لحوحة صاخبة، لا يهدأ لها بال ولا يسكن لها جفن إلا إذا نالت ما تريد، كانت إبنتها مثلها في الغالب الأعم!.. وتلك النشأة أقل ما توصف به أنها نشأة عشوائية فوضوية لا مراعاة فيها لظروف ومشاعر الطرف الآخر، كما أن فيها أنانية شديدة وتغليب المصلحة الشخصية على أي أمر آخر، حتى لو ترتبت عليه عواقب وخيمة غالبًا ما تلحق بمن يلح أيضًا وتؤثر عليه سلبًا!..
المشكلة أن هذه الصفة المزعجة غالبًا ما يكتشفها الأزواج بعد الزواج وليس قبل ذلك!.. نظرًا لحالة التجمل والهدوء المصطنع الذي تظهر عليه الكثيرات أثناء الخِطبة، أما إذا كان أحدهم سعيد الحظ وإكتشف ذلك قبل الزواج، فإما أن يريح نفسه ويبتعد نهائيا عن إتمام تلك الزيجة درءًا للمفاسد المتوقعة، أو يتزوجها ويحاول قدر إستطاعته مساعدتها في التخلص من هذه الصفة اللعينة بتعمد تأجيل تنفيذ مطالبها، وتدريبها على حسن إختيار الوقت والظرف المناسب، وعقابها في بعض الأحيان إذا لم تطع أوامره ورجعت إلى الإلحاح مرة أخرى..
ولو عجز عن إصلاحها وعلاجها من داء الإلحاح فعليه أن يتحمل ويصبر ويحتسب ويتعايش مع هذا الأمر بعدم الإهتمام به أو الظهور بمظهر الأصم وأحيانا الأبله أو كما يقولون في مصر: يعمل أذُن من طين وأُذن من عجين! وإن كان هذا الأمر بالطبع سيرهقه كثيرا ويحمله ما لا طاقة له به.
اللهَ أسألُ أن يهدي كل الزوجات إلى ما يحب ويرضى ويصلح شؤون دنياهم وآخرتهم، ويعين كل زوج مبتلى بزوجة لحوحة ويلهمه الصبر ويمنحه القدرة على علاجها وإصلاحها قبل أن يرث الأبناء تلك الصفة، وتتكرر هذه المأساة مرة أخرى.
الكاتب: هناء المداح.
المصدر: موقع رسالة المرأة.